SHALAT DALAM KONDISI PAQIDU THOHURAIN
أقوال العلماء في حكم صلاة فاقد الطهورين ، وأدلتهم ، وسبب الخلاف ، والراجح من ذلك الخلاف :
إختلف العلماء رحمهم الله في هذه المسألة على أربعة أقوال مشهورة ، وزاد بعضهم قولاً خامساً :
القول الأول :
لا يصلي ، ويقضي ، وبه قال الإمام أبو حنيفة ، وبعض أصحابه ، وهو وجه عند الشافعية رحمهم الله ، وبه قال الثوري والأوزاعي .
القول الثاني :
لا يصلي ، ولا يقضي ، وبه قال الإمام أبو عبد الله مالك بن أنس ، وبعض أصحابه رحمة الله على الجميع ، وقال الإمام ابن عبد البر نقلاً عن ابن خواز بنداد : ( رواه المدنيون عن مالك ، قال : وهو الصحيح من المذهب ) .
القول الثالث :
يصلي ، ويقضي ، وبه قال الإمام الشافعي في رواية أصحابه المدنيين عنه ، وقول أبي يوسف من الحنفية ، وقول بعض المالكية كابن القاسم في العتبية وابن عبد الحكم ومطرف ، ورواية عن الإمام أحمد ، والطبري .
القول الرابع :
يصلي ، ولا يقضي ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، وهي المذهب عند أصحابه كما ذكره المرداوي رحمه الله ، وقال به طائفة من أهل الحديث رحمهم الله ، وأبي ثور ، وأشهب من المالكية ، وقال به إبن حزم من الظاهرية .
القول الخامس :
تستحب الصلاة وتجب الإعادة ، حكاه الشيخ أبو حامد قولاً للإمام الشافعي في القديم ، وذكره الإمام النووي عنه ، وهو رواية عن الإمام أحمد ذكرها صاحب الإنصاف .
الأدلة :
أدلة القول الأول : [ لا يصلي ، ويقضي ]
أ – دليلهم على إسقاط الصلاة : حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ لا صلاة إلا بطهور ] ، ووجه الدلالة من الحديث : أن الحديث دل على أن الصلاة لا تصح بدون طهارة فدل على أن فاقد الطهورين لا تصح منه الصلاة فتسقط عنه شرعاً ، واستدلوا كذلك بقوله صلى الله عليه وسلم عند أصحاب السنن ، وأحمد : [ مفتاح الصلاة الطهور ] ، ووجه الدلالة منه كما بينا في الحديث السابق .
وإستدلوا من العقل بالقياس من وجهين :
الوجه الأول : أن عدم الطهارة أصلاً وبدلاً يمنع من إنعقاد الصلاة كالحائض .
الوجه الثاني : أن كل صلاة لم يسقط عنه الفرض بفعلها لم يلزمه الإتيان بها كالمحدث مع وجود الماء ، وذكر الكاساني رحمه الله عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله : ( أن الطهارة شرط أهلية أداء الصلاة فإن الله جعل أهل مناجاته الطاهر لا المحدث ) .
فقال أصحاب هذا القول : نسقط عنه الصلاة لأن الصلاة لا تجب في هذه الحالة لفقد الوضوء وفقد التيمم الذي هو بدل عن الوضوء فحينئذ لا يجب عليه أن يصلي الصلاة لعدم وجود القدرة عليهما .
ب – دليلهم على وجوب القضاء : أنه لما خرج الوقت تمكن من الوضوء أو من التيمم فتوجه عليه الخطاب بالفعل .
أدلة القول الثاني : [ لا يصلي ولا يقضي ]
إستدلوا على مذهبهم من وجهين :
أ – دليلهم على الإسقاط قوله تعالى : { لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وأَنْتُم سُكَارَى حَتّى تَعْلَموا مَا تَقُولُون ولا جُنُبَاً } ، ووجه الدلالة : تحريم الصلاة على الجنب .
وقوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين : [ لا يَقْبَلُ الله صَلاةَ بِغيرِ طَهُور ] ووجه الدلالة منه : أن ما لا يُقبل لا يُشرع فعله .
واستدلوا كذلك بالقياس على الحائض قبل إنقطاع حيضها .
ولأن عمر رضي الله عنه أجنب ولم يعلم أن الجنب يتيمم فلم يصل .
ب – دليلهم على إسقاط الإعادة :
1 – دليل السنة : أنه عليه الصلاة والسلام لم يأمر من ذهب للقلادة بإعادة .
2 – دليل العقل : أنه فَعل ما أُمر به فلا إعادة إلا بأمر جديد ، والأصل عدم ذلك قياساً على المريض والمسافر يصليان كما أمرا ولا يعيدان .
ولأن الصلاة لا تصح بغير وضوء كما في آية المائدة وهذا الحديث الذي معنا : فلا نقول : إنه يصلي ؛ لأنه غير متطهر ، كذلك لا نوجب عليه القضاء لأنه إذا سقطت عنه الصلاة أداءً سقطت عنه قضاءً .
أدلة القول الثالث : [ يصلي ، ويقضي ]
واستدلوا بوجوب الصلاة عليه بحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين : [ أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسيد بن حضير وأناساً معه في طلب قلادة أضلتها عائشة رضي الله عنها فحضرت الصلاة ولا ماء معهم ، فصلوا بغير طهارة ، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك ، فنزلت آية التيمم ] ، ووجه الدلالة من الحديث : أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك ، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم .
والحديث ليس فيه ذكر أنهم فقدوا التراب وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط ، ولكن عدم الماء في ذلك الوقت كعدم الماء والتراب لأنه لا مطهر سواه .
ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة بغير طهارة ، ولأن الصلاة لا تسقط عن المكلف بتعذر شرط من شرائطها كتعذر السترة ، وإزالة النجاسة .
ومن الأدلة كذلك : قوله تعالى : { أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل } ولم يفرق .
ولأنه مكلف بالصلاة عدم شرطاً من شرائطها ، فوجب أن يلزمه فعلها كالعريان .
ومن الأدلة كذلك أنه وجب عليه أمران :
الأمر الأول : الطهارة . والأمر الثاني : فعل الصلاة فلما سقط عنه الوضوء وجب عليه فعل الصلاة ، ثم إنه قد فعل الصلاة بغير طهور فنوجب عليه القضاء من هذا الوجه إعمالاً للنصوص كلها .
ولأنه تطهير لو قدر عليه لزمه فعله لأجل الصلاة ، فإذا عجز عنه لزمه فعل الصلاة .
وذكر الإمام الماوردي رحمه الله أصل هذه المسألة : إذا كان على بدنه نجاسة عجز عن إزالتها بالماء ، لأنه لا فرق بين ان يعجز عن إزالة النجاسة لفقد الماء ، وبين أن يعجز عن تطهير الحدث بالتراب والماء .
ولأن كل عبادتين كانت إحداهما شرطاً في أداء الأخرى عند التمكن منها لم يكن العجز عن الشرط مسقطاً فرض المشروط لها ، كالتوجه والقراءة وستر العورة .
وقالوا أن الإعادة تجب عليه : لأن هذا عذر نادر غير متصل ، فلم يسقط فرض الصلاة معه ، كما لو صلى بنجاسة نسيها .
وأيضاً لأن الإعادة على التراخي ، ولا يجوز تأخير البيان إلى وقت الحاجة .
أدلة القول الرابع : [ يصلي ، ولا يقضي ]
احتج الإمام أحمد رحمة الله عليه بحديث عائشة السابق ، ويعتبر نصاً في موضع النـزاع ، حيث إنه لما حضرت الصلاة وليس عندهم ماء صلوا بغير وضوء ثم قدموا على رسول الله--فلم يعنفهم ولم يوبخهم .
ووجه عدم الإعادة كما ذكر بعضهم : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بقضاء الصلاة فدل على عدم وجوب الإعادة عليهم .
واستدلوا كذلك بقوله تعالى : { فاتقوا الله ما إستطعتم } ، وقوله تعالى : { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما إستطعتم ] ، ووجه الدلالة من هذه النصوص : أنه لا يلزمنا من الشرائع إلا ما استطعنا ، وأن ما لم نستطعه فساقط عنا ، وصح أن الله تعالى حرم علينا ترك الوضوء أو التيمم للصلاة إلا أن نضطر إليه ، والممنوع من الماء والتراب مضطر إلى ما حرم عليه من ترك التطهر بالماء أو التراب ، فسقط عنا تحريم ذلك عليه ، وهو قادر على الصلاة بتوفيتها أحكامها وبالإيمان فبقي عليه ما قدر عليه ، فإذا صلى كما ذكرنا فقد صلى كما أمره الله تعالى ، ومن صلى كما أمره الله تعالى فلا شيء عليه .
أدلة القول الخامس : [ يصلي إستحباباً ، ويقضي ]
إستحبوا الصلاة خروجاً من الخلاف ، وبالأدلة السابق ذكرها في أدلة القائلين بالصلاة .
سبب الخلاف :
قال الإمام القرافي رحمه الله : ( قال إبن بشير : منشأ الخلاف هل الطهارة شرط في الوجوب أو في الأداء ؟
فمن رأى أنها شرط في الوجوب لم يوجب الصلاة في الحال ، وهذا مشكل منه رحمه الله ، فإن الأمة مجمعة على أن الوجوب ليس مشروطاً بالطهارة ، وإلا لكان لكل مكلف أن يقول : أنا لا تجب علي الصلاة حتى أتطهر وأنا لا أتطهر فلا يجب علي شيء ، لأن وجوب الطهارة تبع لوجوب الصلاة ، فإذا سقط أحدهما سقط الآخر ، لأن القاعدة أن كل ما هو شرط في الوجوب كالحول مع الزكاة والإقامة مع الجمعة والصوم لا يتحقق الوجوب حالة عدمه ، ولا يجب على المكلف تحصيله ، فإن كان مراده أمراً آخر فلعله يكون مستقيماً ) اهـ .
* الترجيح :
الذي يترجح والعلم عند الله هو القول الرابع : أنه يصلي ولا يعيد ، وذلك لصحة ما استدل به أصحاب هذا القول ودلّ على رجحانه حديث عائشة رضي الله عنها الصحيح الذي هو نص في محل النزاع في قصة نزول آية التيمم حينما ضاع عقدها رضي الله عنها وإلتمسه الصحابة رضي الله عنهم ، وحضرت الصلاة بعضهم ، وليس عنده ماء فصلى ، ثم لما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه ، فصوّب فعلهم ، ولم يأمرهم بالإعادة ، وقد صلّوا بدون وضوء ، ولا تيمم ، لأن التيمم لم يشرع بعد ، فدل على أن من فقد الطهورين صلى ، ولا تلزمه إعادة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمرهم بها .
وأما إيجاب الطهارة للصلاة وعدم صحتها بدونها فيجاب عن أدلته بأنها عامة ، وحديثنا خاصٌ في موضع النزاع والقاعدة لا تعارض بين عام وخاص .
وأما القياس على الحائض فيجاب عنه بأن الحائض لا تجب عليه الصلاة أصلاً ، ولذلك سقط عنها الأداء والقضاء ، ولم يتوجه عليها خطاب بالتكليف بخلاف مسألتنا حيث إن التكليف باقٍ على الأصل فصار قياساً مع الفارق .
والله تعالى أعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .... ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثبت الحواشي :
- صحيح البخاري : كتاب الإيمان : حديث رقم 8 ، صحيح مسلم : باب أركان الإسلام ودعائمه العظام : حديث رقم 16 .
- رواه أبو داود : باب زكاة السائمة : حديث رقم 1584 .
- صحيح البخاري : كتاب الحيل : حديث رقم 6554 .
- لسان العرب : ابن منظور : ج 3 ص 337 .
- مختار الصحاح : ج 1 ص 167 .
- الذخيرة : القرافي : ج 1 ص 350 .
- شرح منتهى الإرادات : البهوتي : ج 1 ص 190 ، المحلى : ابن حزم : ج 2 139 .
- بدائع الصنائع : الكاساني ج 1 ص 90 ، التجريد : القدوري : ج1 ص 238 .
- بدائع الصنائع : ج 1 ، ص 90 .
- المغني : ابن قدامة : ج 1 ص 328 .
- الذخيرة للقرافي : ج 1 ، ص 350 .
- التمهيد : الإمام ابن عبد البر : ج 2 ص 348 .
- الحاوي : الماوردي : ج 2 ص 1066 ، المجموع : النووي : ج 2 ص 325 ، البيان : العمراني : ج 1 ص 304 .
- بدائع الصنائع : ج 1 ، ص 90 .
- الذخيرة : القرافي : ج 1 ص 350 .
- المغني : ابن قدامة : ج 1 ص 328 .
- التمهيد : ابن عبد البر : ج 2 ص 349 .
- المغني : ابن قدامة : ج 1 ص 328 ، شرح منتهى الإرادات : البهوتي : ج 1 ص 190 .
- الإنصاف : الإمام المرداوي : ج 2 ص 211 .
- المحلى : ابن حزم : ج 2 ص 139 .
- الذخيرة : ج 1 ص 350 .
- المحلى : ابن حزم الظاهري : ج 2 ص 138 .
- البيان : العمراني : ج1 ص 304 .
- المجموع : الإمام النووي : ج 2 ص 322 .
- الإنصاف : المرداوي : ج 2 ص 211 .
- استدل بهذا الدليل الإمام القدوري : التجريد ج 1 ص 238 .
- الحاوي : الماوردي : ج 2 ص 1067 .
- المصدر السابق .
- بدائع الصنائع : الكاساني : ج 1 ص 90 .
- الذخيرة : القرافي : ج 1 ص 350 .
- المصدر السابق .
- شرح سنن الترمذي : الشنقيطي . حديث [ لا يقبل الله صلاة ... ] .
- صحيح البخاري : باب إذا لم يجد ماءً ولا تراباً : حديث رقم 329 ، صحيح مسلم : باب التيمم : حديث رقم 367 .
- نيل الأوطار : الشوكاني : ج 1 ص 288 .
- المصدر السابق .
- البيان : الإمام العمراني : ج 1 ص 304 .
- الحاوي : الإمام الماوردي : ج 2 ص 1068 .
- المصدر السابق .
- البيان : العمراني : ج 1 ص 304 .
- المصدر السابق .
- التمهيد : ابن عبد البر : ج 2 ص 350 .
- البيان : العمراني : ج 1 ص 304 .
- المحلى : ابن حزم : ج 2 ص 138 .
- الذخيرة : القرافي : ج 1 ص 351 .
Tidak ada komentar:
Posting Komentar